ألبوم الصور
سوق ميّاس
قائمة المراسلات
اشتراك
انسحاب
3350373
العلامة الحجة السيد ماجد العوامي (قدس سره)
واحة القطيف - 23 / 1 / 2005م - 5:18 ص

فقيدنا الغالي العلامة السيد ماجد بن السيد هاشم بن السيد سعود بن السيد هاشم العوامي القطيفي، من أسرة كريمة عريقة في الحسب والنسب تتحدر من سلالة علوية هاشمية، قطنت القطيف منذ زمن بعيد، وغدت تتمتع بسمعة طيبة، ومقام مرموق، لما تتحلى به من مظاهر العفاف والتقى، ولما يلوح عليها من سيما النبل والصلاح. نشأ بين أحضانها، ودرج في خلالها، فشب وترعرع فلم يكن يدري ما خبأ له الغد المجهول، من مستقبل مجيد وحياة سعيدة، فنشأ في بيئته كفرد عادي مغمور وعاش كما يشاء له اليتم حيث فقد أباه وهو لدن العود غض الإهاب في السابعة عشرة من سنينه.

زاول في حداثته التجارة، وقد كفله جده لأمه بعد موت أبيه فبقي في كفالته بضعة أشهر، تزوج في خلالها، ولكنه لم يلبث حتى تكدر صفوه، ففجع بذلك الجد العطوف، وهناك لحق بأخيه (السيد علي السيد هاشم العوامي المتوفي سنة 1339 هـ) حيث شمله بعطفه فتحمل عنه شظف العيش، وأراحه من تكاليف الحياة. وقد قام بتوجيهه أحسن قيام، فبعثه للنجف الأشرف لطلب العلم والتفقه في الدين. فسافر للعراق في السنة الحادية بعد الثلاثمائة والألف الهجرية (1311 هـ). فقطعها في تسع سنين وسبعة أشهر تتلمذ في خلالها على ثلة من العلماء الأفاضل فقرأ النحو والتصريف والمعاني والبيان والفقه والأصول ثم قفل راجعا إلى وطنه. فأقام فيه بضع سنوات ثم أزمع على السفر فحج بيت الله الحرام ثم عرج على العراق عن طريق حائل ليتم دراسته في النجف الأشرف.

وعاد أخيرا لمسقط رأسه بعد أن ذهب إلى ايران لزيارة الإمام الرضا وبعد أن أقام أربع سنين قضاها بين الدرس والتحصيل غير أنه في السنة الثانية استأنف جهاده بأن كر راجعا للنجف الأشرف ليروي ظمأه العلمي. فلبث فيه ثلاث سنوات أكمل دروسه وتلقى فيها على أكابر العلماء المحققين حيث حضر بحوثهم واستفاد من محاضراتهم القيمة حتى حصل على غايته المنشودة.

ففي السنة الثامنة والعشرين عاد لوطنه طافح البشر يحمل معه ثلاث شهادات قيمة من جامعة النجف الأشرف ومن أساتذة ومراجع معترف بفضلهم وعلو كعبهم كالسيد أبي تراب وشيخ الشريعة الأصفهاني والسيد محمد كاظم اليزدي فكان أن احتفى بقدومه أهله وذووه وتلقوه مواطنوه بالبشر والترحيب.

لبث في مسقط رأسه بين قومه نيفا وأربعين سنة منارا ساطعا وعلما يؤمه الناس وتقصده الوفود من كل فج فكان مأوى الضعيف وملجأ العاني وقد تمتع بمقام مرموق ومكانة اجتماعية. فعاش حياته كلها سعيدة موفور التقدير محترما عند كافة الطبقات.

ولما حان دنو أجله واقترب رحيله لدار الخلود عزم على مغادرة وطنه. ففي 12 من شهر ذي القعدة سنة 1366 هـ أزمع السفر للحجاز لحج بيت الله الحرام، فكان يوم سفره مشهودا. إذ خرجت البلاد من أقصاها إلى أدناها لتوديعه وأزدحم الناس في الطرقات والشوارع يتطلعون إليه، فكأنما يودعون ذلك البدر الذ سيغرب عن بلادهم إلى غير عودة. وهكذا ودعوه وهو يأخذ طريقه نحو الغروب، وأبصارهم ممتدة إلى مشهد الأفق حتى ابتلعته الصحراء وغاب في أغوار الأبعاد.

غير أنهم باتوا ليلهم الطويل في غياهب حالكة وظلمات بعضها فوق بعض، يعللون الآمال وهم ينتظرون مطلع ذلك الكوكب وأعينهم ممتدة إلى مشهد الشروق فما راعهم إلا مفاجئة النعي في 10 ربيع الآخر سنة 1367 هـ. أما قصة رحلته على سبيل الإجمال، فإنه لما سافر للحجاز وقضى مناسك حجه وزار مدينة جده، عرج على العراق ليجدد عهدا بآبائه، فمر بالكويت ومنها سافر إلى البصرة عن طريق الجو ومنها إلى كربلاء ثم إلى الكاظميين حيث حط رحله فيها. وهناك لحق بالرفيق الأعلى على إثر عملية جراحية في 7 ربيع الآخر سنة 1367 هـ. وقد دفن بالقرب من جده الإمام موسى الكاظم . وأقيمت له فواتح عديدة في العراق وأنحاء الخليج ألقي فيها الكثير من المنظوم والمنثور.

خطب أطل على العوالم مفجع • أرزى القطيف بغلة لا تنقع
يا ثاويا «بالكاظميين» مجاورا • نعم الجوار ونعم ذاك المضجع

المصدر: مقالة للمرحوم محمد سعيد المسلم في مجلة الموسم العدد (9-10) -1991م-1411هـ