![]() |
الأسباب والنتائج في يوم 30/11/1521م
كانت مدن عمان الساحلية مثل قلهات ومسقط وخورفكان وصحار، تدفع لمملكة هرمز إتاوة سنوية، فمثلا كانت قلهات تدفع سنويا مبلغ ألف ومائة دينار أشرفي [1] وتدفع مسقط أربعة آلاف دينار وصحار ألف وخمسمائة دينار أشرفي وخورفكان ألف وخمسمائة دينار أشرفي [2] .
وفي سنة 913هـ/ 1507م، استولى البوكيرك على جزيرة سوقطرة الواقعة في منتصف الطريق بين البحر الأحمر والخليج العربي، كما هاجم عدن في نفس السنة، ولكنه فشل أمامها [3] ، فتوجه إلى الخليج العربي الذي كان أكثر سهولة من البحر الأحمر. وبدأ الغزو البرتغالي لمراكز التجارة في الخليج، وأهمها ـ من الجنوب إلى الشمال ـ قلهات وقريات ومسقط وصحار وخورفكان وهرمز والبحرين والقطيف والبصرة.
أبحر البوكيرك إلى الخليج العربي في سبع سفن بها أربعمائة وستين محاربا [4] . ووصل إلى قلهات في سنة 913هـ (أغسطس سنة 1507م) بعد أن مرّ على جزيرة مصيره ورأس الحد وصور على الساحل العماني وألقى مراسيه فيها بعد أن ألقى في قلوب سكانها الرعب بأفعاله الوحشية عند دخوله المياه العمانية، حيث دمر السفن والمراكب الراسية في الموانئ سالفة الذكر [5] .
كانت قلهات تابعة لمملكة هرمز الفارسية وخطط البوكيرك للقضاء على هذه المملكة بالاستيلاء على جميع الموانئ التابعة لها. وبعد وصوله إلى مدينة قلهات بيوم واحد، أرسل البوكيرك إلى الحاكم وفدا من قبله يطلب تسليم المدينة دون قيد أو شرط [6] ، ونقل تبعيتها لملك البرتغال [7] . ووافق الحاكم الفارسي خوفا من تدمير المدينة، وقدّم للبوكيرك الإمدادات اللازمة للأسطول، وعقد معه الصلح [8] .
ورغم الصلح الذي عقده البوكيرك مع حاكم قلهات، الا أن المدينة لم تسلم من التدمير والنهب، فبعد أن حاصر البوكيرك لهرمز سنة 913هـ / 1507م، رحل عنها بعد تمرد قواته عليه وعاد إلى سوقطرة [9] . وبعد ذلك رجع البوكيرك إلى قلهات في سنة 914هـ (اغسطس 1508م)، للانتقام منها، لمساعدتها هرمز أثناء حصار البرتغاليين لها. وحاول البوكيرك في هذه المرة استدراج حاكم قلهات «شريف الدين» إلى سفينته للغدر به، ولكنه أفلت منه، عن طريق الاعتذار، لذلك هاجم البوكيرك المدينة واستولى عليها، وأمر بنهبها. وحاول شريف الدين ـ الذي التجأ إلى الجبال ـ استرداد المدية ولكنه فشل في ذلك، وحمل البوكيرك المؤمن والغنائم إلى سفنه، وأمر بحرق المدينة وهدم المسجد الجامع بها [10] .
أما استيلاء البرتغاليين [11] على قْريَاَّت ـ التي تقع على مسافة عشرة فراسخ من قلهات ـ فقد وصلها البوكيرك في سنة 913هـ (22 أغسطس 1507م) [12] . ووجد البوكيرك في قْرَيَّات استعداد السكان للمقاومة فلم يبعث اليهم بوفد كما فعل مع قلهات. بل قصف المدينة بعنف فوجد استبسالا في التصدي والمقاومة، مما أطال زمن المعركة، ولكن في النهاية تغلبت الأسلحة البرتغالية القوية، فتراجع أهل المدينة ودخلها البوكيرك، وأعمل فيها مذبحة بشعة، قتل البرتغاليون فيها كل من وقع تحت أيديهم من الأهالي العزل دون تمييز [13] . وأخيرا تم احراق المدينة، وأسر كثير من أهلها، وأحرق البرتغاليون جميع السفن التي كانت في الميناء، ولم يكفهم كل هذا بل عمدوا إلى تشويه الأسرى العزل بصمل آذانهم وجدع أنوفهم [14] .
ثم توجه البوكيرك بعد ذلك إلى مسقط. وهي الميناء الرئيسي على ساحل عمان، وأكثرها مناعة وحصانة. وترامى إلى آذان سكانها أنباء كارثة قْرَيَّات قبل أن يقدم إليهم البوكيرك، فراحوا يحصنون المدينة بالمدافع، وبناء سور إضافي حولها. ورغم كل ذلك لم تكن لديهم نية الدخول في حرب مع البرتغاليين منذ البداية.
أمر القائد البرتغالي بذبح معظم السكان الباقين، رجالا ونساء وأطفالا بدون تمييز [15] . هذه الأعمال الوحشية لازمت الصليبيين الأوربيين في جميع حروبهم ضد المسلمين. وتذكرنا المذبحة التي اعملها البوكيرك في أهالي مسقط، بالمذبحة التي اقترفها الصليبيون عند غزوهم بيت المقدس في حملتهم الصليبية الأولى، حيث نرى نفوسهم الحاقدة لا ترويها الا الدماء [16] .
وبعد نهب مدينة مسقط، وتزويد السفن بالمؤن استعد البوكيرك لحرق المدينة. وقد رجاه من التجأ من السكان إلى الجبال أن ينقذها من الحرق، ولكنه اشترط عليهم دفع فدية كبيرة، كان من الصعب على من تبقى من السكان دفعها. لذلك أضرمت النيران في مسقط، ودمرت مساجدها، وتركها البرتغاليون خاوية على عروشها [17] .
بعد تدمير مسقط، دَبَّ الخلاف بين البوكيرك وبين القبطان جواو دي نوفا Joao de Nova قائد السفينة «فلور دي لامار» Flor de Lamar وواجه البوكيرك هذا التمرد باستعمال العقوبات الشديدة [18] . ثم سار بأسطوله إلى صحار، ورسى أمام قلعتها الحصينة الضخمة. ونظرا لأن القلعة كانت تفتقر إلى حامية قوية للدفاع عنها، أرسل حاكم المدينة إلى البوكيرك رسالة يلمح له فيها برغبته في السلام وعقد الصلح مع البرتغاليين. ورغم ذلك استعد البوكيرك للهجوم على المدينة في اليوم التالي، لولا أن وصل اليه وفد من الحاكم يعلن خضوعه لملك البرتغال، وتسليم القلعة.
وفرض البوكيرك ضريبة سنوية، ووضع العلم البرتغالي في أعلى القلعة، وأبقى حاكم المدينة مسئولا عنها بعد أن اعترف بالولاء للملك البرتغالي [19] .
اتجه البوكيرك بأسطوله بعد ذلك إلى خورفكان، في أواخر عام 913هـ / 1507م. وكانت أخبار البرتغاليين وأفعالهم الوحشية قد ملأت المدينة، فاستعد السكان للمقاومة. وانتظر البوكيرك استلامهم كما حدث في صحار الا أنهم لم يفعلوا، فقصف البرتغاليون المدينة بالمدافع واقتحموها، فتراجع الأهالي إلى القلعة وتحصنوا بها، فأرسل البوكيرك خلفهم ابن أخيه انطنيو Antonio فواجه مقاومة عنيفة واستبسالا رائعا. ولحقت بالبرتغاليين خسائر كبيرة، قبل هزيمة سكان خورفكان [20] . ونهبت خمسة عشر ألف دينار أشرفي ذهب سنويا، والخضوع لملك البرتغال، وبناء قلعة على الجزيرة [21] .
وهزت أنباء سقوط هرمز في أيدي البرتغاليين العالم الإسلامي وأشار إلى ذلك كثير من مؤرخي المسلمين [22] ، وعلى سبيل المثال، يذكر ابن المطهر في حوادث سنة 913هـ / 1507م ما نصه: «وفي هذه السنة غلبت الفرنج على مدينة هرمز وأخذوها وأفنوا من فيها من المسلمين والتجار والمسافرين» [23] .
وبعد استسلام جزيرة هرمز، ثار القادة البرتغاليون على البوكيرك وقرروا الرحيل إلى الهند، كما هربت سفينتان من سفنه، وتخلى عنه كثير من الرجال، فقرر الرحيل إلى سوقطرة، وسمح لجواو دي نوفا Joao de Nova بالذهاب إلى الهند [24] .
وفي سوقطرة عمل البوكيرك على تقوية حامية الجزيرة، وزود أسطوله بسفينتين قادمتين من البرتغال، ورحل عائدا إلى هرمز مرة اخرى. وفي الطريق مر على قلهات ودمرها [25] ،ووقع في أسره بعض الأشخاص الذين زودوه بمعلومات عن أحوال هرمز. ووصل البوكيرك إلى هرمز في سنة 914هـ (سبتمبر 1508م) وعرض على الشيخ عطار والملك سيف الدين نفس الشروط السابقة، للتأكد من خضوعهم، فأجابوه بأنهم على استعداد لدفع الجزية، ولكنهم لا يوافقون على اقامة القلعة [26] . لذلك حاصر البوكيرك الجزيرة مرة اخرى، وهنا جاءته الأوامر من دى الميدا نائب الملك في الهند، تأمره برفع الحصار، فقبل البوكيرك على مضض تلك الأوامر وتوجه إلى الهند [27] .
ويذكر ابن اياس في حوادث سنة 928هـ / 1521م: أن الأمير مقرن بن زامل بن حسين بن ناصر الجبري، أمير البحرين، كان في تلك السنة يؤدي فريضة الحج. فلما رجع إلى بلاده وقعت الحرب بينه وبين الافرنج فهزموه وأسروه. وحاول أمير البحرين أن يفك أسره، بدفع مبالغ طائلة لهم، ولكنهم أبوا عليه ذلك وقتلوه وهو في الأسر واستولوا على أمواله وبلاده [28] .
واستولى البرتغاليون على قلعة المنامة، وفرضوا ضريبة كبيرة على الأهالي، وأطلق على القائد دى كوريا لقب «بطل البحرين» [29] . وذكر محمد بن خليفة النبهان أن القلعة لا تزال قائمة وهي تسمى قلعة عجاج [30] .
وكانت الأحساء والقطيف، تتبعان البحرين في الحكم ويملكهما بنو جبر. فلما استولى البرتغاليون على البحرين وقضوا على أمير البحرين أصاب الضعف بني جبر في القطيف والأحساء، لذلك استعانوا بأمير البصرة الشيخ راشد بن مغاس بن صقر بن محمد بن فضل لحمايتهم من التدخل البرتغالي في القطيف. فلما رأى الشيخ راشد ما هم فيه من التفكك واضطراب الأحوال الداخلية جاء إلى القطيف واستولى عليها وأقام بها، وولى على البصرة أخاه محمداً [31] . ورغم هذا ظلت تبعية القطيف لحاكم هرمز قائمة، وتدفع له الضريبة السنوية[32] ،وأصبح للبرتغاليين الحق تلقائيا في استعمال قلعة المدينة [33] .
رغم خضوع إمارات الخليج للسيطرة البرتغالية من حيث المظهر، إلا أنهم لم يستكينوا مدة طويلة لما حل بهم من دمار لتجارتهم وضياع لثرواتهم واضطهاد لحرياتهم، فقد قاوموا سيطرة المحتل البرتغالي بشتى الوسائل حتى انتهوا أخيرا إلى انهاك قوتهم، واستعادة كثير من المواقع على ساحل الخليج.
وقد كانت أول مقاومة عنيفة للغزو البرتغالي قام الخليجيون هي الانتفاضة سنة 928هـ ــ 1521م حيث انتفض الخليج انتفاضة عامة اجتاحت مراكز التجارة في الخليج العربي من قهات إلى البحرين. وكانت هذه الحركة بزعامة شيخ هرمز شاه بندر الذي كان يخضع وقتذاك للبرتغاليين.
ورغم ارجاع بعض الباحثين [34] سبب هذه الانتفاضة إلى السيطرة البرتغالية على الموارد التجارية، وتعسفهم في جمع الأموال، الا أن تتبع سيرة البرتغاليين في الشرق عامة وفي الخليج خاصة، تبين لنا أن هناك أسبابا عديدة لمحاولة أهالي الخليج العربي خلع نير البرتغاليين. وأهم هذه الأسباب روح القسوة والظلم التي نشرها البرتغاليون في الخليج العربي، وعدم احترامهم لحرية وعقيدة أهالي الخليج الإسلامية، وتحطيمهم لتجارة الخليج العربي، وحالة الفوضى التي عمت الخليج، بعد ممارستهم لعمليات القرصنة، وعدم استماعهم إلى شكاوى الأهالي والحكام، كل ذلك كان سببا للسخط الدائم ضد البرتغاليين [35] .
ابتدأت المقاومة ضد البرتغاليين بعد أن أرسلت المعلومات من هرمز إلى جميع المراكز الأخرى على الساحل الغربي، وحددت يوم 30 نوفمبر 1521م (928هـ). وفي الموعد المحدد قام شيخ هرمز شاه بندر بالخطوة الأولى، فأمر بحرق المراكب البرتغالية في الميناء، وتم قتل الحامية البرتغالية القائمة في الجزيرة ليلاً [36] . وقامت بقية المراكز التجارية العربية في الخليج بتنفيذ المهمة المتفق عليها فهاجموا البرتغاليين، وأسروا كثيرين منهم، ما عدا حاكم مسقط الشيخ راشد، الذي كان على خلاف مع شيخ هرمز، فأعلن خضوعه للبرتغاليين ولم ينفذ المهمة. وأعطى هذا الفرصة للبرتغاليين لطلب النجدة من الهند والمقاومة لعدة شهور حتى تصل اليهم المساعدة [37] .
ووصلت النجدة الأولى بقيادة دوم جونزالو Dom Gonzalo الذي عزز علاقات البرتغاليين مع حاكم مسقط. وحاول استعادة الأسرى من بعض موانئ الخليج العربي [38] .
وفي سنة 929هـ/ 1522م، وصلت النجدة الثانية للبرتغاليين بقيادة دوم لويزدى منزيس Dom Luiz de Menezes والذي توقف عند «طيوى» وهاجمها وأوقع بحاكمها الهزيمة. ثم سار إلى مسقط وهاجمها، بعد أن هرب الشيخ راشد وتركها للحاكم الفارسي دلامير شاه. وبعد أن أخضع القائد البرتغالي مسقط بمعاونة الشيخ راشد، توجه إلى صحار ودمرها، ثم اتجه إلى هرمز وقضى على مسببي الانتفاضة وأعاد حكم البرتغاليين إلى الجزيرة، فوضعوها تحت اشرافهم وحكمهم المشار سنة 930هـ ــ 1523م [39] .
عاث البرتغاليون فساداً في الدويلات المطلة على مياه الخليج، فمن سلب ونهب وحرق وقتل وتدمير، حيث كانت لغة التخاطب هي التفاهم السائد وهذا مالا يرضاه الخليجيون الأباة، فقد حدث ذلك وطفح الكيل.
فمنذ وطأت أقدام البرتغاليين سواحل الخليج عام 1507م، وذلك باعتراف المصادر البرتغالية نفسها أحياناً، ظل الوضع في المنطقة قلقا ومضطربا يسبب إحراجاً وتحدياً للوجود البرتغالي برمته في البحار الشرقية. وقد استمر ذلك الوضع حتى بعد احتلال هرمز عام 1507م على يد البوكيرك والقضاء على إمارة الجبور في البحرين والقطيف على يد أنطونيو كوريا عام 1521م.
لقد عاش البرتغاليون في الخليج العربي على فوهة بركان ينذر بالإنفجار في أية لحظة. وقد حدثت أولى بوادر ذاك الإنفجار عام 1519م انطلاقاً من قلهات ذات التمرد المستمر، لكن الغريب أنه في الوقت الذي كان فيه ملك هرمز تورانشاه ينتظر الفرصة المواتية للثورة على البرتغاليين والعودة إلى العصر الذهبي والاستقلال لمملكته، فإنه استعان بالغزاة البرتغاليين ضد تلك الثورة والتمرد الذي انطلق من قلهات بقيادة حاكمها شرف الدين في عام 1519م، وذلك لكبح جماحها وإعادتها إلى حظيرة هرمز وإدارتها البرتغالية الهرمزية. وأرسلت القوات البرتغالية على عجل من الهند للقضاء على التمرد في قلهات، ولكنها لم تستطع أن تفعل شيئاً كثيراً، بل وقع عدد من جنودها أسرى في يد قوات شرف الدين [40] .
ولولا تدخل نائب الملك في الهند ديجو لوبيز دي سكويرا شخصيا عام 1520م بحضوره إلى المنطقة الساحلية من عُمان والوصول إلى تسوية مرضية للطرفين البرتغالي والقلهاتي وإطلاق سراح الأسرى البرتغاليين الخمسة عشر، لما استتبت الأمور [41] ،وفي رواية أخرى أنهم «21 شخصاً».
أما ثورة عام 1521م، والتي جاءت بعد سقوط إمارة الجبور في البحرين والقطيف بعدة أشهر، فإنه يمكن قراءة بعض أسبابها فيما كتبه ملك هرمز تورانشاه باللغة العربية وأرسله في عهد لوبر سواريز نائب الملك في الهند، الى بلاط لشبونة، حيث قال: «اليوم هرمز من توابعكم، وعمالكم فيها يتدخلون في كل الأمور الداخلية، ونحن ننتظر منكم الاهتمام بهذا الأمر والنظر الى تعمير المنطقة حيث أن أحوال مملكة خراسان (الصفوية) مضطربة مما تسبب عنه توقف القوافل التجارية لهذه الولاية، ومن ناحية موانئ الهند فإن القوافل لا تأتي إلا من ثلاث موانئ فقط، بعد أن كانت تأتي من جميع موانيها من قبل!! ولهذا فقد قلّ المحصول، وبالتالي قلّ الدخل وأصبحنا. لا نتعامل مع أحد، ويأتي عمالكم ومسئوليكم لدينا كل عام ويمكثون فترات طويلة ينفقون فيها ببذخ» [42] .
وسبب هذه الرسالة والشكوى الدائمة من ملك هرمز والموانئ التابعة له من البرتغاليين، أن نائب الملك في الهند «لوبو سواريز»، كان قد اتبع سياسة جديدة تختلف عن سلفه البو كيرك، في أنها لا تعتمد البطش والتنكيل، بل تستهدف إنعاش التجارة البرتغالية بالطرق السلمية [43] . لكن هذه السياسة قامت أيضاً على تعيين ضباط عسكريين لتحصيل ضرائب المدن التجارية في عُمَان والخليج وسائر المناطق البرتغالية في بحار الشرق، وفق تعليمات لشبونة. وكان هذا الأمر مما ساعد هؤلاء العسكريين على الإنغماس في التجارة. وتحول أولئك القادة إلى تجار وسماسرة واعتبر هؤلاء العسكريون القيادة مسبة والكرامة فضيحة ــ كما يذكر (Wilson) وحسن السمعة مذمة ونقيصة [44] .
وقد نظر سكان الخليج ومناطق سواحل عُمان إلى هذه السياسة ليس من منظور هدفها الظاهر، وهو تخفيف السيطرة الاحتكارية التقليدية على التجار، بل في هدفها الباطن، باعتبارها زيادة في التحكُّم والسيطرة على يد القادة العسكريين مباشرة، وقد كان معظم هؤلاء الضباط ذوي أخلاق فاسدة ومرتشين ولا يفقهون في التجارة شيئاً. ولم تلبث أن استقرت الكراهية في نفوس سكان المنطقة بسبب سوء إدارة هؤلاء ومعاملتهم للموانئ التجارية وهذا ما نلمسه في رسالة تورانشاه المذكورة. أضف إلى ذلك الرغبة في التخلص من الوجود البرتغالي برمته في الخليج العربي، لذا قامت تلك الثورة العارمة في هرمز وموانئ الخليج وعُمان ضد البرتغاليين في نوفمبر 1521م، التي يمكن أن نجمل أسبابها في التالي:
إخضاع الحكومات لاتفاقيات مجحفة ذات مطالب وأتاوات سنوية بالإضافة إلى نفقات كبيرة تصبّ في مصالح القادة البرتغاليين ومصالح الحكومة البرتغالية.
ومثالا على ذلك ما حدث في مملكة هرمز حيث خاضت حرباً ضروساً ألحقت بها الخراب ثم أجبر حكامها على توقيع اتفاقية منهكة لاقتصادها وقد كانت المساومة بين الطرفين على هذه الأرقام شاقة إلا أنها انتهت باتفاقية كانت خلاصتها كما يلي [45] :
أ ــ تدفع هرمز إتاوة سنوية مقدارها خمسة عشر ألف أشرفي لملك البرتغال الملك أمانويل الأول ولورثته من بعده ويكون لملك البرتغال الحق في زيادة هذا المبلغ وقت يشاء ذلك.
ب ــ تدفع هرمز خمسة آلاف أشرفي نقدا في الحال للمساهمة في نفقات الأسطول البرتغالي.ت ــ تعفى البضائع البرتغالية القادمة إلى هرمز من الرسوم الجمركية، أما البضائع التي يشتريها البرتغاليون من هرمز والموانئ التابعة لها فتدفع عليها رسوم جمركية تماثل تلك التي يدفعها سكان البلد الأصليون.
ث ــ تثبيت الملك سيف الدين ملكا على هرمز وخواجا عطار وزيرا أو حاكما إلى جانبه على أن تكون تبعيتهما وولاؤهما لملك البرتغال.
وقد وقعت هذه الاتفاقية في احتفال مهيب في اليوم العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) 1507، بحيث تكون في ثلاث نسخ: اثنتان، واحدة بالعربية وأخرى بالفارسية، وقعهما ملك هرمز ووزيره خواجا عطار وأرسلتا إلى ملك البرتغال، والثالثة وقعها ألبو كيرك وسلمت لملك هرمز. وكان من أبرز معالم هذا الاحتفال رفع العلم البرتغالي على قصر الملك رمزا مؤكدا لتبعيته لملك البرتغال.
ولم يكتف ألبو كيرك ببنود هذه الاتفاقية بل أتبعها بطلب ببناء قلعة برتغالية على أرض الجزيرة ضمانا لسيطرة البرتغاليين عليها، مقترحا أن تكون ملاصقة تماما لقصر الملك. ومرة أخرى، دخل هذا الطلب في مفاوضات شاقة عندما حاول الملك سيف الدين ووزيره خواجا عطار ثني ألبو كيرك عن غرضه. وقد اقترحا عليه أمكنة أخرى لبناء قلعته بعيدا عن الجزيرة: إما في جزيرة قشم القريبة، أو في نابند على الساحل الفارسي، وكانا من ممتلكات هرمز، أو بعيدا عن قصر الملك، خارج المدينة وعلى أطراف الجزيرة. غير أن مدفعية البوكيرك ولغة القوة هي التي كانت بالمرصاد حيث عادت فأجبرت حكام هرمز على الإذعان لطلبه والموافقة على بناء القلعة في المكان الذي حدده [46] .
لم يتعفف البرتغاليون عن مهاجمة دور العبادة فأينما حلوا حلَّ معهم الخراب وكانت بيوت الله ضمن أهدافهم ودون مراعاة لقداستها أو حرمة لأي شي كان، فالمساجد سلب ما فيها كالإنارة والمصاحف والكتب والزرابي، إلى جانب اشعال النار فيها تارة وتارة أخرى تضرب بالمدفعية. وحدث في بعض المرات أضرمت النيران بعد أن زج بالأهالي كالنساء والأطفال وكبار السن.
في تلك الفترة الزمنية كان الماء يستورد على نطاق واسع من جيرون [47] وقسم بواسطة جرار تحمل في السفن وتنقل إلى هرمز، وقد فرض البرتغاليون حصاراً على التموين، وقد كانت هرمز تستهلك كمية لايستهان بها من الماء.
حيث يوضع الماء في قشم في جرار صغيرة، ثم ينقل إلى أخرى أكبر [48] ، بعد ذلك تنقل السفن الماء في خزانات. عند الوصول إلى شواطئ هرمز ينقلونها من جديد في جرار صغيرة، غالباً ما يلجأون إلى الغش لإتمام ملئها، وذلك بإضافة ماء البحر [49] .
تستهلك مدينة في حجم هرمز كمية لا يستهان بها من الماء، فبالإضافة إلى الكمية الكافية للشرب يحتاجون إليها للأشغال المنزلية، والحمامات وسقي الحيوانات، ولا يمكننا قياس الكمية المنقولة بواسطة السفن. بالنسبة إلى «كوريه» كان ينقل خمس عشرة جرة يومياً من قشم [50] ، غير أن محتوى الجرة ظل غير محدد، والمعلومة التي نقلها كوريه غير أكيدة.
وحيث أنه لا يصلح الماء الموجود في جيرون إلا كبديل: في سنة 1507 ــ 1508م أصرت القوارب المزودة بالماء أن تخترق الحصار البرتغالي رغم المخاطر، ويستعمل ماء بئر تورومباك ذو الطعم المر لري الحدائق الملكية [51] ، وتضطر الطبقة العامة من الشعب لشربه عند انقطاع مجيء الماء العذب [52] ،بسبب توقف حركة السفن عند حدوث العاصفة أو لأسباب أخرى.
وتعد الكمية المستوردة من الماء ـ وهي خمسة آلاف لتر يوميا [53] جداً ضئيلة، ولا تفي بحاجات السكان حسب تقدير أعد حول قياس المكعبات، كما يمكننا حسابه انطلاقا مما تبقى من آبار. إذ إن صهاريج جنوب المدينة كان يمكنها أن تلبي حاجيات ثمانية عشر ألف شخص سنوياً [54] ،هذا لو كانت تملأ بصورة منظمة مما كان شبه مستحيل [55] ، لذلك كان السكان يلجأون إليها في ظروف محددة فقط عند توقف السفن عن المجيء [56] ،أو لحاجة الفقراء في فصل الصيف [57] . كانت أبواب الصهاريج محكمة الإقفال وتوزيع الماء مقنناً [58] .
في سنة 1508م عندما هدم البرتغاليون قبة صهريج خوجه عطار، وأدى ذلك إلى تدفق الماء في الأزقة المجاورة، خرج الناس يتسللون بين المقاتلين لمحاولة جمع ما تبقى من السائل النفيس مجاناً [59] .
رغم أن هرمز تحصل على كل المنتوجات الضرورية للعيش من المناطق المجاورة، إلا أنها تضطر للاستيراد من بلدان بعيدة كل ما هو ليس متوفر محلياً، بسبب نقص المراعي وزراعة وتوفير المواد الأولية في إيران والعراق كالزبدة والسكروالقمح والأرز، كما تأتيهم الزبدة المذابة من بيرونات [60] Birunat، والبصرة وريشهر Raysahr والأخص من السند ومنغلور Mangalore محملة في جرار كبيرة مصنوعة من الجلد [61] (dabaa, dabbaga)، ويأتيهم السكر من فياناغار Vijayanagar عن طريق بهاتكال [62] Bhatkal ومن ديكان Deccan عن طريق جوا[63] Goa، وقليل من القمح من قشم [64] ومن أودية لارستان [65] Laristan عن طريق قيس. أما أغلبه فيأتي من ريشهر [66] Raysahr ويعاد تصدير الجزء الباقي [67] .
يبرز التزود من الأرز دور الهند في تأمين العيش للعالم الإسلامي في العصر السالف، والأرز الهندي الذي يغذي عمان وجنوب شبه الجزيرة العربية يغذي أيضاً هرمز والخليج «العربي» [68] . وقد كتب دالبوكيرك «للدون» مانويل في أول أبريل 1512م بخصوص عواصف 1511م التي أطاحت بالسفن المتجهة نحو هرمز[69] :«أظن أنه ستحدث مجاعة كبيرة في هرمز، ونحتاج لكمية كبيرة من المواد الأولية لعدم وصول الأرز من الهند[70] . تحمل سفن هرمز الأرز بكميات كبيرة، ([وأكثر شيء ممكن»[71] من «باتكال» [72] التي هي واحدة من موانئ الأرز ومنها يصدر إنتاج «فيانغار»، «جوا» [73] و«كوجرات» [74] .
يباع قسم من الأرز في الداخل الإيراني [75] والبحرين [76] . تشير ميزانية 1541م إلى قوة الدخل الهرمزي [77] فيما يخص حقوق الأرز. كباقي المواد الأولية تتزود هرمز من الأرز من الخارج، حيث كانت المعيشة غالية هناك في بدابة القرن السادس عشر حسب ما استنتجه الأوروبيون [78] ، ويشكل التمر بالإضافة إلى السمك [79] الغذاء الرئيس للسكان [80] .
كان القادة البرتغاليون يكتبون إلى الملك عمانويل الأول ملك البرتغال رسائل مستفيضة يتحدثون فيها بافتخار بالغ عن حرق بلاد الكفار «ويعنون المسلمين» وعن بقر بطون الحوامل وجذع انوف الأسرى وصلم آذانهم. ناهيك عن السلب والنهب معتبرين ذلك من المفاخر التي يعتزون بها وهي تستحق التسجيل وقد حدث ذلك كثيراً في مخاطبات الفونسو دي البوكيرك، ودي الميدا [81] .
بعد أن احتل الغزاة البرتغاليون البحرين توجهوا في منتصف اغسطس 1521م إلى هرمز فأعدوا لغزو واحتلال القطيف واستجمعوا قواهم، وكان هذا الغزو مخططاً له منذ سنة 1515م إذ قام سفير الشاه اسماعيل الصفوي بالتقدم حاملاً عدة مطالب، وقد أجيب إلى بعضها ومن ضمن اقتراحاته الكثيرة أن تقدم البرتغال بعض سفنها لإيران كي تمكنها من غزو البحرين والقطيف إلى جانب أن يقوم البرتغاليون بقمع التمرد الواقع ضده في مكران بأن يحتلوا جوادر [82] وغيرها من المقترحات وما يهمنا هنا أن اقتراح الغزو كان أساساً من إيران [83] ،وكانت فرصة البرتغاليين للتنفيذ وهو ما تم فعلاً بعد ست سنوات من التخطيط للغزو ومن ثم الاحتلال، إذ اقترحت إيران سنة 1515م مسألة الغزو بينما كان البرتغاليون على استعداد منذ سنة 1507م.
تحركت الجيوش يوم 15/6/1521 «الهجوم بدأ في 27/6/1521م» وفي هذا العام [83] قتل البرتغاليون السلطان مقرن بن زامل، وكان حدثاً عظيماً بالنسبة إلى المنطقة والى البرتغاليين أنفسهم. والسلطان مقرن كان قد تولى الحكم بعد وفاة عمه محمد، وقد وصفه ابن إياس في «بدائع الزهور»: أنه لما دخل مكة المكرمة كرّ راجعاً إلى بلاده لاقته الإفرنج «البرتغاليون» فقاتلهم، إلا أنهم انتصروا عليه وأسروه وحاول افتداء نفسه بألف ألف دينار «مليون دينار» فأبوا وقتلوه سنة 928هـ واستولوا على بلاده، فخلفه علي بن أجود، إلا أنه لم يستقم في الولاية أكثر من شهر واحد [84] .
تشير الشهادات المدلى بها في كنانور خلال صيف 1508م في إطار التحقيق الذي أمر به دوم فرانشيسكو دي ألميدا إلى الفونسو دي البوكيرك حيث أنه حاول إثارة الرئيس نور الدين والي على خوجة عطار مغريا إياه بالوصاية على العرش، أو العرش نفسه مقابل قتل خوجة [85] .
قرار ملك البرتغال بوضع موظفين برتغاليين في إدارة جمارك هرمز بدلاً من الهرامزة، وخضوع الملك لهذا الأمر كما نجد كذلك أن المعاملة القاسية للأهالي التي تسبب فيها مشرفو الجمارك هؤلاء أرباح الحكام والتجار معاً [86] ، وهذا أيضاً طبق على جميع جمارك الخليج التي خضعت للاحتلال حتى عام 1521م.
عرقلة السلطات البرتغالية للنشاط التجاري لسكان الخليج مع موانئ الهند، وفرض ضرائب باهظة أثقلت كاهل الناس والحكام، وعدم اهتمام المسئولين البرتغاليين بالشكاوي حول هذه القضايا [87] ، كما إنهم استباحوا السفن بأخذ ما فيها عنوة.
قسوة الحكم البرتغالي ونظرته العنصرية للعرب والمسلمين، وإزدياد تعرضهم للحرمات والأماكن الدينية والمساجد وحرقها وهدمها في بعض الأحيان وإنتشار حالات الاغتصاب وهتك الأعراض ونهب الأموال [88] .
رغم أن الوجود البرتغالي في هرمز كان قد وافق على أن يحتفظ الملك بسلطته، لكن سلطته كانت سلطة شكلية. فقد أرغمت السلطات البرتغالية الملك على الولاء لملك البرتغال فقط، ولم يكن يسمح له شخصياً بمغادرة الجزيرة إلا بإذن رسمي من القائد البرتغالي [89] .
قيام القوات البحرية البرتغالية بمساعدة الحكومة الايرانية في اخماد الإنقلابات التي حدثت على سواحل بلوشستان ومكران، حيث وقعت اتفاقية سنة 1515م بين البوكيرك وسفير الشاه إسماعيل الأول الصفوي [90] . وهي دلالة على أن البرتغاليين بامكانهم عقد صفقات أو إبرام إتفاقيات ضد حكومات أخرى تتخذها سنداً لشن حروباً ضد الآخرين.
التماس القادة البرتغاليين من البابا الموافقة على تسميتهم بألقاب دينية وغيرها مثلاً: «سادة الفتح والملاحة في الهند والحبشة وجزيرة العرب وفارس» وهو التماس أقره البابا وصدق عليه [91] ، إلى جانب ألقاب الإنتصار والفتوحات من الملك عمانويل الأول.
لقد اتبع البرتغاليون سياسة حرق السفن منذ وصولهم إلى الجنوب العربي والخليج والسواحل الهندية، والشواهد كثيرة جداً وسوف نقتصر على الشواهد في الخليج فقط:
أ ــ حرق 30 ــ 40 مركبا للصيد في راس الحد.
ب ــ حرق 14 مركباً راسياً في ميناء قريات وذلك بعد ان لقى 80 بالمائة من السكان مصرعهم وهي أوامر من القونسو دي البوكيرك[92] .
ث ــ حرق 150 مركباً هي كل ما كان موجوداً في ميناء القطيف[93] .
ج ــ عمد لورونسو سنة 1507م إلى نهب وحرق ست بواخر هرمزية كانت تحمل أحصنة إلى شول، كما استولى على سفينتين شراعيتين غنيتين لهرمز في نهر سانجزار[94] .
ح ــ في قريات أحرقت 38 سفينة في يوم 22/8/1507م.
الإصرار الشديد في سائر الاتفاقيات مع حكومة هرمز على تثبيت شارة الصليب على الأبنية الإدارية الرسمية [95] وبناء الكنائس ودعوة الناس إلى المسيحية.
تشجيع غير المسلمين في الدخول معهم في حلف ومساعدة كل القباطنة والقادة البرتغاليين في التحريض ضد المسلمين ومقاتلتهم ونشر المسيحية في الأراضي الجديدة التي يغزونها وكما حدث ذلك بإتصالهم مع نجاشي الحبشة[96] .
عقد إتفاقيات تنص على إعفاء المنتجات البرتغالية من الرسوم الجمركية وهذا ينطبق على جميع البضائع الصادرة والواردة. كما ونصت بعض الاتفاقيات على بيع السلع البرتغالية بأسعار رخيصة بهدف كسب الأسواق التجارية لصالح البرتغال [97] .
أصدر البرتغاليون قراراً بمنع أي سفينة من ممارسة الملاحة في الخليج قبل حصولها على تصريح من السلطات البرتغالية. وهي ما عرف بالبطاقة. وبهذا العمل كتب البرتغاليون السطر الأول في سيادتهم البحرية والتجارية على الخليج [98] . وقد كان القادة البرتغاليون يصادرون بضاعة كل سفينة ليس لديها تصريحا ملاحياً، هذا إذا لم يقتلوا الملاحين ويصادرون السفينة بما فيها من بضاعة [99] .
منذ أن سقطت هرمز سنة 1507م حتى عام 1521م تحت السيطرة البرتغالية بدأت التخطيط للثورة على هذه السيطرة والعمل للإطاحة بالنفوذ البرتغالي في هرمز والخليج وعُمان. وكان هذا التخطيط قد تم في السر وداخل بلاط هرمز بين الملك توران شاه ووزرائه بزعامة شرف الدين. وقد وضعت الخطة بشكل بارع وناجح [100] ، وتم إرسال رسائل سرية مع بعض التجار المترددين بشكل روتيني على الموانئ الخليجية التابعة لهرمز في البحرين والقطيف وسواحل عُمان. وكانت تلك الرسائل تتضمن تعليمات لحكام هذه الموانئ بالثورة للتخلص من الوجود البرتغالي في المنطقة [101] . وتم تحديد ساعة الصفر في زمن معين وفي ليلة محددة، على أن تقوم الثورة في جميع الموانئ دفعة واحدة. حتى لا يجد البرتغاليون ملاذاً آمناً يحتمون به لضرب الثورة، وحتى لا يفلت أي عسكري برتغالي من أيدي الثوار. وتم الاتفاق على أن تكون ساعة الصفر في فجر يوم 30 نوفمبر عام 1521م [102] .
أما الشق الثاني من الخطة الهرمزية فتولاه تورانشاه شخصياً بأن اجتمع بقائد الأسطول البرتغالي في هرمز والخليج آنذاك المدعو «جاركيا دي كوتنيهو» قبل الثورة بفترة، وادعى تورانشاه وجود بعض القراصنة في الساحل العربي قرب عمان على بحر العرب يغيرون على السفن هناك ويشكلون مصدر قلق ومتاعب للتجار، يتصيدون قوافلهم التجارية ويسلبونها. وطالب الملك بوجوب القضاء عليهم في الحال بإرسال بعض قطع الأسطول البرتغالي إلى مناطق ساحل عمان. فصدق القائد الخدعة، وأرسل سفينتين من سفن الأسطول الأربع المتواجدة في ميناء هرمز لهذا الغرض. وبذلك استطاع تورانشاه التخلص من نصف الأسطول البرتغالي وتحاشى نيرانه في الوقت الذي تنشب فيه الثورة، حيث كان هذا الأسطول هو عصب القوة العسكرية البرتغالية في الخليج [103] .
وعندما أصبح الوقت ملائماً وحان الموعد المحدد تماماً، ثار بركان الثورة في الخليج وزلزل الأرض تحت أقدام البرتغاليين فجأة وبشكل لم يكن متوقعاً من وجهة نظر البرتغاليين. وكان ذلك في أواخر ذي الحجة عام 927هـ/ فجر 30 نوفمبر «1521م». وكاد هذا البركان أن يقضي على الوجود البرتغالي في الخليج آنذاك، حيث عصفت الثورة بالحاميات العسكرية البرتغالية في كل من هرمز والبحرين وقريات وقلهات وصحار، إثر تعرضها للهجمات من البر والبحر بشكل مفاجئ وساحق [104] ، ولولا دفاع البرتغاليين عن أنفسهم بالأسلحة الحديثة لأبيدوا عن آخرهم [105] .
غير أن الثورة لم تنجح في رفع قبضة البرتغاليين عن مناطق احتلالهم. فقد واجهوها بأقصى ما لديهم من قوة، بعد أن وصلتهم إمدادات عسكرية محمولة بحرا من الهند، كما ساعدهم في ذلك أمير الجبور المحلي في عمان الشيخ حسين بن سعيد الذي كان بذلك يثأر من هرمز لاشتراكها من قبل في القضاء على سلطان الجبور مقرن بن أجود في معركة احتلال البحرين. وقد نال هذا الشيخ مكافأة على ذلك بأن عينه البرتغاليون حاكما باسمهم في صحار، بعد أن تمكنوا من قمع ثورتها بتدميرها وإحراقها [106] .
• ففي هرمز: بدأت الثورة بهجوم مباغت قامت به مجموعة فدائية بقيادة شاهبندر التجار على السفينتين البرتغاليتين في الميناء، وأشعلوا فيهما النار. وكانت تلك إشارة ـ بواسطة نار السفن ـ للبدء بهجوم فوري على الجنود البرتغاليين الذين كانوا نائمين في بيوتهم داخل المدينة [107] ،واستطاعت المجموعات المهاجمة من الجنود والجماهير الغاضبة قتل وأسر أكثر من ستين برتغالياً في هرمز وحدها أثناء الهجوم [108] ،بينما تمكن بقية الجنود البرتغاليين من الهرب واللجوء للقلعة البرتغالية الحصينة في ميناء هرمز، حيث تحصنوا بها هناك وظلوا على تلك الحال لبضعة أشهر في انتظار وصول نجدات برتغالية من الهند. وقد تعرض أولئك الجنود خلال تلك الفترة لحصار الهرامزة، فقلت الأقوات لديهم وواجهوا خطر الموت جوعاً وعطشاً [109] .
وكذلك نجحت خطة الثورة في بقية مدن وولايات هرمز العربية في الخليج وساحل مناطق عمان.
• وفي البحرين: تم مهاجمة البرتغاليين في كل المواقع والمكاتب العسكرية في المدينة، وقتلوا عدداً من الجنود، وهرب الباقون إلى سفنهم في البحر. واستولى الثوار على مركز التجارة البرتغالية وقبضوا على رئيس دار التجارة في الجزيرة ويدعى (روي بالي Ruy Bale) وضرب بشدة ثم شنق وعلق على إحدى أشجار النخيل قرب القلعة التي تعرضت للهجوم أيضاً [110] .
• أما في صحار: انضمت صحار للثورة أيضا [111] ، وقد استطاعت مجموعة قليلة من البرتغاليين النجاة بأنفسهم والمحافظة على حياتهم، وقد وجدت القبائل العربية فرصتها في الاستيلاء على صحار وطرد الوالي الهرمزي منها، وكان ذلك بقيادة حسين بن سعيد زعيم الجبور آنذاك في الجزيرة العربية وعُمان الداخل [112] .
• وفي قلهات: كانت المعلومات عن قيام الثورة قد وصلت للبرتغاليين في الوقت المناسب من قائد الحامية العسكرية البرتغالية في هرمز [113] ، ولا يتضح كيف وصلت تلك التحذيرات وبتلك السرعة الخارقة من هرمز إلى أبعد نقطة في أملاكها بالساحل العماني «قلهات»، وقد كان توقيت الثورة وقيامها في وقت محدد في كل المدن وبشكل بالغ السرية، ولكن ربما يكون هناك احتمال تسرب أنباء الثورة وتوقيتها إلى البرتغاليين في قلهات قبل غيرها إثر خيانة ما، أو أن موعد الثورة في هذه المدينة قد تأخر أو تأجَّل لسبب ما أيضاً. وربما كان هذا هو ما دعى إلى تغيير حاكم قلهات من قبل ملك هرمز سريعاً، حيث أننا نجد حاكما آخر أثناء تواصل الثورة في مطلع عام 1522م يدعى «ديلا مير شاه»[114] .
ولهذا السبب تمكن عدد من البرتغاليين في قلهات من النجاة بأنفسهم وأمتعتهم الثمينة التي حملوها معهم وهم يغادرون سريعاً إلى سفنهم في الميناء، ومع ذلك فقد اعترض الأهالي الحاكم وجنوده وقتلوا منهم عدداً وأسروا الباقين [115] .
• مسقط: أما في مسقط فان الظروف كانت مختلفة [116] ، فهي المدينة الوحيدة التي وجد بها البرتغاليون بعض الأصدقاء والحماية لأرواحهم ــ كما يذكر «Miles» ــ وفي نفس الوقت فإننا نسمع لأول مرة هنا عن وجود والٍ عربي في المدن الساحلية العمانية التابعة لهرمز، وتطلق عليه المصادر البرتغالية اسم «الشيخ راشد» [117] .
ويبدو أن الشيخ راشد هذا كان على خلاف مع ملك هرمز، وقد تظاهر بموافقته على إعلان الثورة دون اعتراض، إلا أنه بيت النية بخلاف ذلك. فقد انتهز فرصة قيام الثورة ضد البرتغاليين ليستغلها لصالحه ويتخلص من تبعيته لنفوذ هرمز ويعلن استقلاله بمسقط، ولذا فإنه لم يشارك في التمرد وإعلان الثورة [118] . وهذا ما أطلق عليه بعض الكتاب الإيرانيين المعاصرين «خيانة شيخ مسقط للثورة» [119] . وعدوا ذلك سبباً في عدم نجاحها كما كان متوقعا. إلا أن الشيخ راشد،رغم عدم مشاركته في الثورة باسم مسقط، لم تكن لديه القوات العسكرية الكافية ولا الشجاعة ــ كما يقول جهانكير ــ ليبقى في المدينة، وذلك لخوفه من انتقام الهرامزة منه على يد حاكم قلهات الجديد في مطلع عام 1522م، وهو «رئيس ديلامير شاه» بسبب موقفه من الثورة [120] . لذلك هرب هذا الشيخ من مسقط مع بعض أتباعه قبل مجيء البرتغاليين إلى قلهات لنجدة الحاميات البرتغالية وإعادة الأمور إلى وضعها السابق تحت السيطرة البرتغالية [121] ، ولأن ذلك تم بعد أن فقد البرتغاليون ما بين مائة إلى مائة وعشرين قتيلاً في تلك الثورة [122] .
لقد كان البرتغاليون أيام البوكيرك «توفي في 15/12/1515م» قد اقتصروا على تركيز نفوذهم في كل مكان في الخليج وقد كانوا غير مكترثين بالتعرض للعلاقات الداخلية لكل منطقة، ولكنهم فيما بعد أرادوا أن يهيمنوا على سائر السياسات التجارية في كل مدينة وبندر في الخليج وأرادوا أن تكون لهم الكلمة الحاسمة في احتكار التجارة وطرقها فلهم الصادرات والواردات وأرادوا أن يضعوا أيديهم على سائر الشؤون الجمركية [123] .
وفي نوفمبر 1521م أعلن لوبو سواريز نائب الملك البرتغالي الذي خلف البوكيرك في جوا Goa والذي كانت الشؤون الاقتصادية المحصنة في موضع اهتمامه الأول أنه قد عين موظفين برتغاليين لضبط سائر الشؤون الجمركية في القطيف بما في ذلك البحرين وهرمز [124] وصحار والقريات وقد كان وقع هذا الخبر كالصاعقة على أبناء القطيف وسائر العرب فهب أبناء المنطقة في ثورة عارمة على تلك التعديات واحتكار الاقتصاد لهم، وهذه الثورة عرفت بثورة الجمارك في القطيف وباقي مناطق الخليج والتي كانت بوادر انفجارها في قلهات التابعة لمملكة هرمز في عام 1519م ومنذ بداية عام 1521م واجه البرتغاليون حركات تمرد متفرقة، ثم اندلعت بعدها الثورة العامة [125] ، وقد حدثت هذه الثورة في فجر يوم 30 نوفبمر 1521م، حيث واجه البرتغاليون خياراً صعبا في الهند وأصبحوا مضطرين لسحب جزء من قواتهم العسكرية في الخليج لمواجهة مشاكلهم هناك بادر توران شاه بإصدار أوامره لإعلان الثورة ضد البرتغاليين يعاونه وزيره شرف الدين ومن الأمور التي تثير الاهتمام أن يتوصل عرب الخليج في تلك الفترة والتي كانوا فيها فرقاً متشتتة أن يتوصلوا إلى خطة محكمة لتوقيت الصراع والمواجهة فكان هجوماً كاسحاً تعرض له البرتغاليون في الحصون التي احتلوها في ليلة واحدة ودفعة واحدة حيث تعرضت الحاميات في هرمز والبحرين ومسقط وقريات وصحار وغيرها من أقطار الخليج بما فيها القطيف، وكانت هجمات ليلية مفاجئة من البر والبحر وقتل خلال تلك الأحداث عدد كبير من البرتغاليين [126] على أن جميع المصادر لم تحدد الخسائر عند العرب بما فيهم أهل القطيف [127] .
ويمكن قراءة تحليل لثورة عام 1521م [128] في الخليج ضد البرتغاليين [129] ، ومن أسبابها إلى نشوبها [130] ونتائجها في هرمز والبحرين وصحار وقلهات ومسقط [131] في كتاب الغزو البرتغالي للجنوب والخليج العربي [132] .
كان دورات دي مينزيس Dom duarta De Menezes، نائب ملك البرتغال في الهند أثناء قيام ثورة الخليج في نوفمبر 1521م قد علم بأنباء الثورة من رسول برتغالي أرسله «جواو دي ميرا» انطلق من هرمز على عجل إلى جوا بالهند. فقام نائب الملك على الفور بإرسال (دوم كونزالو ـ Dom Conzalo) إلى هرمز لحث رجال الحامية المحاصرين هناك على المقاومة والصمود. ريثما تصلهم نجدات سريعة من الهند. ثم جاءت نجدة فعلاً بقيادة «مانويل دي سوزا ـ De Souza» والوكيل التجاري في ساحل عمان «فاز دي فيجا» وقد استطاعت تلك النجدة تخليص بعض المحاصرين في قلعة هرمز ونقلهم إلى مسقط، التي وجدها دي سوزا شبه مهجورة بسبب فرار الشيخ راشد وأتباعه منها بعدما علم بخروج جيش كبير من قلهات عن طريق البر بقيادة حاكمها ديلا مير شاه للهجوم على البلدة وتأديب الشيخ راشد [133] .
عندما سمع الشيخ راشد بوصول «دي سوزا» إلى ساحل عُمان انتظر مساعدته للعودة إلى المدينة، إلا أن القائد البرتغالي توجه أولا إلى قلهات، وطلب هناك من وزير ديلامير شاه الخواجة زين الدين اطلاق سراح الأسرى البرتغاليين في قلهات، لكن الوزير أخبره بأن تورانشاه ملك هرمز لديه رسالة إلى شقيق نائب الملك بالهند (دوم لويز دي منزيس ــ D. Luiz De Menezes) الذي يُقال بأنه في طريقه إلى ساحل عُمان، وهو في انتظار وصول الرسالة من هرمز [134] . وبما أن قوة هذا القائد البرتغالي كانت ضعيفة فقد أُضطر للانتظار أمام قلهات لحين وصول نجدة من الهند [135] . وقد وصلت هذه النجدة في شهر فبراير 1522م، وكانت تتكون من ثمان سفن بتجهيزاتها الكاملة من الأسلحة والمدفعية، بقيادة شقيق نائب الملك بالهند «دوم لويز» وكان هدفه القضاء كلياً على ثورة الخليج وذيولها، والانتقام من الذين تسببوا في مقتل العديد من أفراد الجيش البرتغالي في المنطقة، ولدعم النفوذ والسيطرة البرتغالية من جديد [136] .
وحين رسا الأسطول البرتغالي في قلهات، كان حاكمها ديلامير شاه في طريقه إلى مسقط للانتقام من الشيخ راشد. طلب «لويز» من الوزير خواجه زين الدين إطلاق سراح الأسرى البرتغاليين لديه والذين فاق عددهم العشرين أسيراً [137] . إلا أن الوزير سلم القائد البرتغالي رسالة تورانشاه التي وصلت من هرمز. وكانت الرسالة تحتوي على شكوى مريرة من أسلوب حكم البرتغاليين لهرمز وتوابعها في ساحل عُمان وتصرفاتهم التي لا يمكن السكوت عنها، ولكنه لم يأتِ في الرسالة على ذكر الأسرى أو إطلاق سراحهم، وهنا أصر «لويز» على إطلاق سراح الأسرى قبل بحث أي موضوع آخر، لكن الوزير زين الدين اعتذر عن ذلك بحجة أن لا صلاحية لديه بشأن هذا الموضوع، فتحديد هذا الأمر يعود إلى حاكم قلهات ديلامير شاه ولابد من انتظار عودته [138] .
وعندما كان القائد «لويز» يفكر في كيفية التغلب على هذه المشكلة وصلته رسالة من الشيخ رشد في مسقط ـ وقد علم بقدوم لويز من الهند ــ يطلب فيها مساعدته لأن قوات ديلامير شاه قد وصلت إلى مدينة مسقط براً، وكانت تستعد لمهاجمة المدينة. فقرر «لويز» تكليف احدى السفن الحربية بالتحرك من قلهات إلى مسقط لمساعدة الشيخ راشد على أن تقتصر المساعدة باطلاق المدافع التي تحملها السفن ضد قوات ديلامير شاه إن لزم الأمر دون إنزال جنود للاشتباك على البر وذلك خوفاً من هزيمة القوات أو أسرها كما حدث في قلهات قبل ذلك. أما الشيخ راشد فقد استعان بخمسة متطوعين برتغاليين للقتال معه!! أو ربما للاستعانة ببنادقهم، وقام بجيشه المسقطي بالهجوم على جيش ديلامير شاه حاكم قلهات الهرمزي في منطقة الوادي الكبير قرب المدينة واستطاع هزيمته وقتل قائدهم ديلا مير شاه أيضاً [139] .
وبعد يومين من هذا الحادث وصل «دوم لويز» إلى مسقط وشكر الشيخ راشد على خدماته وولائه للبرتغاليين خلال فترة الثورة واضطراباتها، ووضع دوم لويز حامية في مسقط تتكون من عشرين جندياً برتغالياً للدفاع عن المدينة والشيخ راشد وعزز ذلك بمرابطة سفينة حربية في الميناء بصفة دائمة ثم غادر لويز مسقط بعد ذلك [140] .
يحلل المؤرخ محمد السلمان المآل الذي وصلت إليه الثورة في فشلها بقوله:
أن بعض زعماء القبائل العربية في عمان الداخل والقريبين من أحداث ثورة مدن الساحل بقيادة هرمز في تلك الفترة، قد حاولوا استغلال فرصة الثورة لإعادة الحكم العربي للمدن الساحلية العمانية، ولكنهم لسوء الحظ عملوا على تحقيق ذلك بمساعدة برتغالية، مما حدا بالكاتب الإيراني عباس إقبال للقول: «وفي ميناء صحار قام أيضاً شيخان خائنان من شيوخ العرب هم سلطان بن مسعود وحسين بن سعيد الجبري بحركة ضد رئيس شهاب الدين الحاكم الهرمزي لمدينة صحار» [141] ،فما هي حكاية ظهور قوة الجبور مرة أخرى في الساحل العماني والاستيلاء على صحار؟؟
عندما وصل «دوم لويز» في نفس العام 1522م، إلى صحار وجد هناك قبيلتين عربيتين كانتا تحاولان انتزاع الحكم من الوالي الهرمزي رئيس شهاب الدين فعلاً. وكانت إحدى هذه القبائل بزعامة سلطان بن مسعود الذي كان يقود قوة من الفرسان قدرت بمائتين وخمسين فارساً وثلاثة آلاف من الراجلة، أما القبيلة الأخرى فقد كانت بزعامة الشيخ حسين بن سعيد زعيم قبيلة الجبور الكبيرة آنذاك، وكان نفوذه يمتد من البحرين إلى ظفار في ساحل عمان. وقد كانت معه قوة من الفرسان قوامها خمسمائة فارس وأربعة آلاف من الراجلة [142] . ويذكر دوم لويز أن هذين الزعيمين العربيين كانا دائماً في نزاع مع مملكة هرمز ويتطلعان إلى السيطرة على أملاكها في المنطقة الساحلية من عُمان [143] .
في هذه الفترة (مارس 1522م)، كان الجبور بقيادة الشيخ حسين بن سعيد مطبقين على صحار من جهة البر، ووصل «لويز» بأسطوله البرتغالي قبالة ساحل صحار وهو يعتزم اقتحام المدينة أيضاً لإنهاء التمرد بها ضد البرتغاليين، وأدرك القائد البرتغالي بأنه لن يستطيع الوصول إلى نتيجة حاسمة مع صحار من دون أن يغري زعيم الجبور الشيخ حسين بالتعاون معه، فاتصل به لهذا الغرض، كما يبدو من الأحداث التي تلت ذلك. ورحب الشيخ حسين بذلك التعاون شريطة أن يحكم الجبور صحار بعدها. ويتضح هنا في هذا التعاون أن قيادات الجبور في تلك الفترة كانت معنية أساساً بالإنتقام من أتباع ملك هرمز، وهنا يمثلهم رئيس شرف الدين، وهو أحد كبار أعوان ملك هرمز تورانشاه، ومن المحتمل أن يكون هذا الرجل قد ساهم بقواته في الحملة البحرية التي كانت قد انتهت باحتلال البحرين واستشهاد مقرن، كما يرى بذلك المؤرخ عبداللطيف الحميدان [144] .
إن مصير هرمز «التي كانت مكان التخطيط» نفسها فقد واجهت هي الأخرى تدميرا كبيرا على أيدي البرتغاليين وتعرضت للإحراق الكامل. وقد اتهمت مصادر البرتغاليين الملك توران شاه بأنه هو الذي أحرقها قبل أن يهرب منها، بعد هزيمة قواته أمام البرتغاليين، ملتجئا إلى جزيرة قشم القريبة [145] . وفي هذه الجزيرة قتل توران شاه غيلة على أيدي أحد أتباع الشيخ حسين الجبري الذي صفّى بذلك حسابه نهائيا مع هرمز وملكها.
القضاء على هذه الثورة فتح أمام البرتغاليين الباب واسعا لزيادة تحكمهم في هرمز واستغلالها إلى المدى الأبعد. ولتحقيق ذلك رفعوا إلى العرش صبيا من أبناء توران شاه لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، وأبقوا إلى جانبه الريس شرف الدين بعد أن أصدروا عفوا عنه، وربطوا الملك الجديد محمد شاه بمعاهدة جديدة وقعت في 15 تموز «يوليو» 1523م [146] .
وكان من الطبيعي أن يؤدي فشل ثورة هرمز وتداعياتها عام 1521م إلى وضع نهاية للحكم الوطني في مملكة هرمز وتشديد القبضة العسكرية والاقتصادية البرتغالية على الجزيرة. فقد قام «لويز دي مينزيس» بعد صدور الأوامر إليه من جوا، بتعيين محمد شاه سيف الدين أبا نصر حاكماً جديداً على هرمز التي عادت للسيادة البرتغالية وقد عين هذا الصبي الرئيس شرف الدين حاكم صحار السابق الذي هرب مع تورانشاه إلى قشم وعاد بعد أن مات الملك والوزير هناك!![147] .
في هذه الفترة، والأحداث الجسيمة تعصف بهرمز والخليج، يقوم الشاه إسماعيل مرة أخرى بتصرف غريب، ذلك أنه أرسل مندوب من قبله إلى هرمز يطالب الملك الجديد محمد شاه الأول، بالضرائب التي لم تدفعها هرمز تحت الإدارة البرتغالية طوال السنوات السابقة لما بعد اتفاق 1515م مع البوكيرك!! وهدد الشاه بأنه سيمنع مرور القوافل التجارية البرية من خراسان وكرمان وفارس إلى سواحل الخليج وهرمز.
وقد اعتذر الملك محمد شاه للبرتغاليين عن دفع الضرائب متذرعاً بالحصار الاقتصادي الإيراني. وهنا رأى نائب الملك في الهند «دورات مينزيس» أن يسارع لعقد إتفاقية جديدة مع محمد شاه، حتى لا تتكرر ثورة 1521م، مرة أخرى، وكذلك عمل لإسكات مطالب الشاه إسماعيل في ضرائب هرمز من ناحية أخرى[148] ، وعقدت هذه الاتفاقية في بندر ميناب بالساحل الفارسي، فأطلق عليها «معاهدة ميناب» وذلك في 2 رمضان 929هـ «23 يوليو 1523م». وقد وقع المعاهدة عن الجانب البرتغالي نائب الملك في الهند دورات مينزيس، وعن الجانب الهرمزي محمد شاه الأول المغلوب على أمره ووزيره رئيس شرف الدين، وقد جرت المعاهدة على غرار المعاهدة الأولى التي أبرمها والد محمد شاه، سيف الدين مع البوكيرك، وقد نقل لنا المؤرخ محمد السلمان بعض البنود حيث تضمنت المعاهدة ما يلي [149] :
1ــ مملكة هرمز تابعة لملك البرتغال مباشرة تسلم له متى طلبها على أن يكون محمد شاه حاكماً من قبله، على هرمز.
2ــ يتم زيادة مبلغ الضريبة السنوية التي تدفعها هرمز للبرتغال إلى «ستين ألف أشرفي». وفي حالة تعطل وصول القوافل التجارية البحرية من كجرات وكمباي وموانئ الهند إلى هرمز يخفض هذا المبلغ إلى 25 ألف أشرفي، يدفع مقدمها بعد هذه الإتفاقية.
3ــ يجب على أتباع ملك هرمز ورعاياه ألا يحملوا أية أسلحة باستثناء المسئولين الرسميين فقط للدفاع عن أنفسهم.
4ــ يقوم ملك البرتغال بتقديم الحماية لأمير هرمز ضد أي نوع من أنواع العدوان الخارجي على مملكته.
5ــ يمنع سلطان هرمز من امتلاك قوة عسكرية إلا للحراسة والخدمة في البلاد وقصر الحاكم فقط.
6ــ يسلم سلطان هرمز جميع النصارى البرتغاليين الذين دخلوا في الدين الإسلامي إلى دولة البرتغال.
وقد كتبت الإتفاقية «المعاهدة» باللغة الفارسية وترجمت للبرتغالية، وأرسلت إلى الملك جون الثالث البرتغالي الذي بعث بدوره برسالة تفويض إلى محمد شاه لحكم هرمز نيابة عنه [150] .
لم تمنع هذه الإتفاقية وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات والقرارات البرتغالية، إجحاف وظلم المسئولين البرتغاليين في هرمز وتوابعها، بل كانوا دائماً يطالبون بأموال إضافية وضرائب متزايدة ويقومون بضغوط أكثر من ذي قبل. كانت هذه المعاهدة وغيرها من نتائج إخفاف ثورة 1521م، حيث ألغيت الإدارة الوطنية في هرمز، وصار تجارها يتبعون الإدارة البرتغالية الجديدة. ونتيجة للإجراءات القهرية والتنكيل والبطش بالأهالي والتجار، والإشراف على الحركة التجارية في هرمز وتحصيل الرسوم الجمركية بالقوة، أصبح البرتغاليون حكاماً فعليين، ولم يعد لحاكم هرمز أي أثر في توجيه دفة الحكم في بلاده. وبسبب سوء المعاملة والضغط والإرهاب الذي مارسه البرتغاليون ضد المواطنين والتجار أصبح الناس يفرون من هرمز ويغادرونها بلا رجعة إلى جزر الخليج الأخرى، مثل قشم وغيرها [151] .
ولم يتمكن البرتغاليون بعد إلغاء الإدارة الوطنية وسقوط الحكم الوطني في هرمز. من تسيير دفة الحركة التجارية كما كانت في السابق في هرمز والخليج، وبسبب هذه القبضة العسكرية الحديدية بدأ الركود الاقتصادي يخيم على مملكة هرمز وانتهى ذاك العمران والرخاء الشامل بعد أن عاش سكان هرمز في ظلاله أكثر من قرنين من الزمان [152] .
لقد بات واضحاً لجميع البرتغاليين ما يواجهونه من كره من عامة المسلمين من عرب وهنود وفرس وغيرهم، وأن العلاقات بينهم وبين القوى المحلية في الخليج والمحيط الهندي تتصف بالعداء الشديد، ففي «تشرين الثاني» نوفمبر 1522م ضاق شيخ هرمز ذرعاً بالوضع المزري الذي وصلت إليه الحال في الخليج وخاصة في هرمز فحاول إخراج البرتغاليين من هرمز وصحار وقلهات والقريات وكذلك من شمال الخليج: البحرين والقطيف [153] وذلك احتجاجاً على سيطرتهم على المراكز التجارية المذكورة وقد نجح الهجوم في بادئ الأمر نجاحاً كبيراً وتكبد البرتغاليون خسائر فادحة ولكنهم سرعا ما أرسلوا النجدات بسرعة كعادتهم فوصل المنطقة أسطول برتغالي واستعاد المراكز السابقة ووضعت السيطرة عليها من جديد [154] .
ولم يترك لنا المؤرخون كيفية النجاح الذي حققه شيخ هرمز وهل شمل كل مشيخات الخليج أو اقتصر على مشيخة هرمز فقط، ولكنه يعد مقاومة بطولية منه بهذا الهجوم.
أما بالنسبة إلى البحرين فقد أحرزت قدراً كبيراً من النجاح، فقد تولى الثورة في الليلة الموعودة لها الشيخ حسين بن سعيد، فقام بهجوم مفاجئ على القلعة التي كان يتحصن بها البرتغاليون وألقى القبض على حاكم الجزيرة البرتغالي وقام بشنقه على نخلة، أما الباقون على قيد الحياة من الجنود البرتغاليين فقد لاذوا بالفرار وذلك سنة 929هـ ــ نوفمبر 1521م وحينها اعتمد البرتغاليون الدبلوماسية سبيلاً لاستراداد سيادتهم على البحرين فتمكنوا بعد فترة من ترتيب اتفاق [155] ومن نقاطه:
1ــ ان يكون الشيخ حسين بن سعيد حاكماً عربياً على البحرين.
2ــ موافقته على تعيين مستشاراً برتغالياً وليس هناك خلفيات فعلية عن هذا الاتفاق وما آل إليه إلا ان البرتغاليين أرسلوا مستشاراً يدعى: لويس دي منزيس.
والجدير ذكره هو أنه سقطت هرمز في 23 نيسان «إبريل» 1522. وكانت شروط استسلامها تنص على أن باستطاعة الملك والأمراء والوزير مغادرة الجزيرة مع حاشية كل مهم، وعلى أن يغادر الكهنة بحليهم، والحاكم البرتغالي بممتلكاته وعبيده، والجنود بأسلحتهم، وعلى أن يخرج البرتغاليون جميعا من الجزيرة. أما السكان الآخرون فيحق لمن شاء منهم المغادرة أيضا. وقد خرج من القلعة، وفق فاريا إي سوسا «أكثر من ألفي برتغالي من الجنسين وبمختلف الأعمار في اتجاه مسقط (التي كانت لاتزال بيد البرتغاليين) تاركين في أيدي أعدائهم ثرواتهم العظيمة وشرف بلادهم البرتغال».
وقد تسلم قولي خان والضباط الإنجليز مفاتيح القلعة،كما تسلموا الأسرى: الإنجليز تسلموا البرتغاليين حيث حملوهم على سفن إلى مسقط، وقولي خان تسلم الأسرى العرب والفرس حيث أمر بقتل عدد كبير منهم وبعث برؤوسهم إلى بندر عباس لكي يكونوا «عبرة» لمن تسول له نفسه التعاون مع «الكفار» ضد المسلمين.
أما آخر ملوك هرمز، محمود شاه، ووزيره نور الدين فقد احتفظ بهما قولي خان لديه بناء على أوامر من الشاه عباس الذي طلب إحضار الملك إليه في أصفهان. وفي الطريق أعدم الوزير في اللار، بينما استمرت رحلة الملك إلى هدفها، حيث احتفظ به حبيسا في قفص عدة سنوات، قبل أن يطلق سراحه ويسمح له بالسكنى في أحد بيوت أصفهان. وفي بعض الروايات سمح له، في أواخر عمره، بالانتقال للسكنى في قلهات، موطن أجداده الأقدمين، حيث قضى نحبه هناك.
ولم تنج هرمز نفسها من التدمير، فقد حولها الفرس بعد احتلالها إلى خرائب لمصلحة مينائهم على الساحل الفارسي بندر عباس، لتعود الجزيرة إلى ما كانت عليه قبل أكثر من ثلاثة قرون أرضا جرداء لاتنبت إلا الرمل والملح [156] .
غير أن تألق هذه المدينة ــ الإمبراطورية التي كان أهلوها يصفونها بأنها خاتم العالم لتأنقها وثرائها، انتهى أمره إلى الخراب والدمار في العالم 1522، بعد أن تغيرت موازين القوى في المنطقة، ونشأت استراتيجيات وتحالفات ومصالح جديدة التقت عند ضرورة الاستغناء عنها وشطبها من خارطة العالم.
وفي الحقيقة بدأت هذه الأوضاع في التبلور في الربع الأخير من القرن السادس عشر الذي شهد بداية التغيرات المثيرة في أدوار اللاعبين على مسرح التجارة والسياسية الدولي. فالمحيط الهندي الذي كان حكرا على البرتغاليين، دون القوى الأوروبية الأخرى، طوال نحو من قرنين من الزمان، أخذ يستقبل منافسين من القارة الأوروبية جددا غيروا ميزان القوى فيه [157] .
ويذكر عباس إقبال أن الوزير شرف الدين هو الذي دسّ له السم في طعامه [158] !!،بينما يذكر جهانكير قائمقامي،أن هذا الأمر من القضايا التي مازالت غامضة ومبهمة ولا يوجد حولها مصادر كافية. فما هو السبب في مقتل تورانشاه على يد الرئيس شرف الدين بن نور الدين وزيره الذي كان يصاحبه دائماً في جهاده ضد البرتغاليين، خاصة أنه من نفس مذهبه أيضاً!!؟ كان شرف الدين هذا من أشد المعارضين لحكومة البرتغال في عهد محمد شاه ابن أخ تورانشاه المقتول، حتى أن البرتغاليين ضاقوا ذرعاً بمعارضته لهم في هرمز ونفوه إلى لشبوة عام 1529م [159] .
إلا أنه يمكن إضافة رأي آخر يوضح ربما بعض جوانب هذه القضية التي تحير فيها قائمقامي، حيث أن هناك تلميحات لدى المؤرخ البرتغالي (Sousa) تقول أن للشيخ حسين بن سعيد زعيم الجبور يداً في مقتل تورانشاه في قشم [160] ، ويؤيد هذا الرأي (Wilson)، حين يذكر أنه أثناء وجود تورانشاه في جزيرة قشم أغتيل هناك من جانب سكان الجزيرة [161] .
فهل صمم الجبور على الإنتقام بتتبع قتلة السلطان مقرن الجبري وكل من شارك في غزو البحرين وإسقاط إمارة الجبور بها؟ ويبدو أنه من المرجح أن حسين بن سعيد قد قام بإرسال أحد أتباعه إلى قشم وعمل مع جماعة تورانشاه حتى توصل إلى طريقة لقتله بالسم إنتقاماً وثأراً وتصفية لحساب مع عدوهم اللدود تورانشاه.
وهل كان موقف الجبور ونزاعهم المستمر ضد هرمز وهو السبب في فشل الثورة ضد البرتغاليين في الخليج وعُمان بين أعوام 1521م ــ 1522م، نتيجة موقف الجبور في صحار، وكذلك نتيجة للإمدادات التي وصلت للبرتغاليين من مسقط، وعدم تحرك الجبور في عمان الداخل ضد البرتغاليين في ساحل عمان، مما جعل تورانشاه، محرض الثورة ومخططها، يفقد الأمل في نجاحها؟ هذا فعلاً ما يروج له الكتاب الإيرانيون أمثال عباس إقبال وجهانكير وآدميات وفروغي، الذين وصفوا شيوخ العرب في عمان «بالخونة»، في حين أنهم تغاضوا عن تحالف الشاه إسماعيل الصفوي مع البرتغاليين ضد هرمز سابقاً من أجل السيطرة على الخليج العربي بصفة عامة، كما نجد أنهم لم يشيروا إلى سعي أمراء فارس ولار للتحالف مع البرتغاليين [162] ، وتغاضوا كذلك عن موقف تورانشاه نفسه قائد ثورة 1521م، في تحريضه البرتغاليين بل ومساعدتهم بقواته العسكرية لاحتلال البحرين والقطيف وقتل السلطان مقرن، وإسقاط إمارة الجبور في شرق الجزيرة، بدلاً من التحالف معها في الثورة ضد البرتغاليين وطردهم من الخليج.
ويتغافل هؤلاء الكتّاب أخيراً عمداً عن الإشارة لمواقف التحدي التي وقفتها قبائل الجبور وبعض القبائل العربية عموماً طوال فترات سابقة منذ ظهور البرتغاليين على مسرح الأحداث في الخليج العربي وعمان بعد عام 1507م، ولا يذكر أحد من هؤلاء المؤرخين حقيقة مهمة، وهي أن معظم سكان مملكة هرمز التي ثارت ضد البرتغاليين على طول الساحل العربي من هرمز إلى قلهات كانوا من العرب. وكما يقول ــ جمال زكريا ــ أن الأمر لم يكن خيانة قام بها بنو جبر في عمان أو غيرها من المناطق العربي، فهم قد أبدوا صلابة وشجاعة منقطعة النظير في مقاومة الوجود البرتغالي في المنطقة منذ أول لحظة لوصوله، وإنما السبب في موقف جبور عمان يرجع أساساً إلى أن طبيعتهم البدوية التي طغت على نفوسهم واستبدت بهم الرغبة في الانتقام في إنهيار المقاومة العربية الأولى ضد هؤلاء بقيادة زعيم الجبور الكبير مقرن بن زامل الجبري.
ولكن جاء كل ذلك على حساب القضية العامة في الخليج العربي. فقد استطاع البرتغاليون من خلال إثارة الخلافات واللعب على المتناقضات واستغلال تطلع البعض إلى السيطرة والثراء إلى استعادة السيطرة على الخليج تماماً مرة أخرى وذلك بعد عامين «1523م» وشددوا من قبضتهم على كل نواحي هرمز والموانئ التابعة لها إثر توقيع معاهدة «ميناب» [163] .
عاد البرتغاليون وسيطروا ثانية على الخليج وقد قاموا بتعيين موظفين برتغاليين للمراكز الجمركية في هرمز وصحار والقريات والبحرين والقطيف وهذا العمل أثار سخط الأهالي في جميع مناطق الخليج، مما جعل شيخ هرمز يقدم على تنظيم هجوم بري يجري في وقت واحد في محاولة لاقتلاع البرتغاليين الذين خسروا أرواحاً كثيرة من جراء المفاجأة، وفي الوقت نفسه كان أحد أساطيل البرتغاليين قد دمر مدينة صحار تدميراً تاماً ثم تقدم إلى هرمز واستعادها إثر الهجوم البري البحري وتم إبرام معاهدة في 2 رمضان 929هـ -23 يوليو 1523م في ميناب تم بموجبها جعل هرمز خاضعة لإشراف دقيق وصارم من جانب البرتغال[164] وقد طالت تلك الأحداث جميع مناطق الخليج بما فيها القطيف.
وفي أواسط سنة 928هـ ــ 1523م وجد توران شاه ووزيره شرف الدين ميتين بالسم في جزيرة القسم بعد هروبهما إليها، والمعروف أن توران شاه هو المسبب الحقيقي لكل ما يحدث في دويلات شمال الخليج بما فيها البحرين والأحساء والقطيف بمساعدة البرتغاليين [165] ، لقد كانت نهاية حزينة ومؤسفة.
علي بن إبراهيم الدرورة: www.darorah.com
• عضو الجمعية التاريخية السعودية ــ الرياض.
• عضو جمعية التاريخ والآثار لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ــ الرياض.
• باحث ومحاضر متعاون مع مركز زايد للتراث والتاريخ ــ العين.
• عضو النادي الأدبي في المنطقة الشرقية ــ الدمام.
• صدر له 36 كتيباً وكتاباً منوعاً في مختلف المعارف حتى نهاية عام 2005م.
• كتب ومازال يكتب في صحافة الخليج.
• أعد وشارك في العديد من البرامج الإذاعية من البرنامج العام بالرياض.
• وردت ترجمته في مجموعة من القواميس ومنها:
1ــ معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.
2ــ شعراء العصر الحديث في جزيرة العرب.
3ــ دليل الكتّاب والكاتبات في المملكة العربية السعودية.
4ــ معجم مؤرخي الجزيرة العربية في العصر الحديث.
5ــ معجم الأدباء والكتاب السعوديين «1319 ـــ 1419هــ».
6ــ الملحق المفيد في تراجم أعلام الخليج.
7ــ معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002م.
8ــ من مشاهير الجزيرة العربية فيما بين عامي 700 ـــ 1417هــ.
9ــ أدباء وأديبات من الخليج العربي.
10ــ موسوعة الساحل: www.alsahel.org
11ــ منتدى تاروت الأدبي: www.tarout.info
12ــ النادي الأدبي بالدمام: www. aladabi.Net